براديس السماء
وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد 50 عاماً من نصر أكتوبر العظيم، فتخيم على إسرائيل أجواء هزيمة أكتوبرية الطابع، ومن قلب الشارع الإسرائيلي تُوجه الاتهامات بالتقصير والفشل لرئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الاستخبارات الحربية!
مر شهران وبضع أيام على الحرب، ومع استمرار الانقضاض الوحشي على غزة، كنا نتمنى وقف إطلاق النار من جديد، فكل التبرعات إن وصلت أو عندما تصل من الغذاء ستأكلها القنابل، ومن الماء ستشربها الرمال، ومن الدواء لن تجد الحي الذي يتداوى بها، الله معكم يا شعب فلسطين عامةً وقطاع غزة خاصةً، ففي غزة تتوقف الحياة، ويتلاشى الأطفال الخدّج والأصحاء، وتنير أرواحهم الفضاء كبراديس السماء، وتعلوا نداءات الذين لا يطالون نقطة ماء أو كسرة خبز، ولا يسمعهم أحد.
أُفكر في مستشفيات غزة التي نراها مدمرة، والتي كانت لها حياتها الطبيعية ومناسباتها الاجتماعية، والتي تقطعت شرايين روحها وأصبحت تنزف في الليل والنهار، وتحاول جاهدة الوقوف صامدة، لتعطي المستغيثين بها ما لا تملكه من فُتات الدواء والعلاج.
أنا لا أعرف كيف يكون الحل في غزة ولا كيف يُدفع الشر الذي يصول ويجول بلا رابط أو ضابط، ويستضعف المستشفيات والمدنيين بحجج لا يؤيدها الشيطان، ويرتكب ما يندى له جبين الإنسان، والجميع يشاهدون ويجعجعون، أو يشاهدون ويتألمون، أو يشاهدون ويتشفون، أو يشاهدون وينسون.. الجميع في كل الأحوال قريباً وبعيداً من بؤرة الدمار، تجمعهم المشاهدات الباردة وهم يرون البيوت والمستشفيات والأحياء والحياة تسقط في حفرة الموت، لا أعرف الحل لكنه بالتأكيد يبدأ بوقف إطلاق المصائب والنار .
فمن يعتمد موقفه من القضية الفلسطينية “فقط” على موقفه من منظمة حماس رفضاً أو تأييداً، فقد ضاقت نظرته وتهافت رأيه رفضاً أو تأييداً، ويمكن لحركة حماس البناء على اللحظة الراهنة، وعليها من أجل ذلك أن تتسع تركيبتها وتتسع تصوراتها الإستراتيجية، وتخرج من حدود حركة مقاومة مسلحة ذات طابع ديني، إلى بناء تمثيل سياسي أشمل للشعب الفلسطيني.
الصهاينة يعلمون أنهم خسروا قوة ردعهم على الشعب الفلسطيني الأسطورة، لكنهم مازالوا يملكونه على المستوى العربي بكل أسفٍ شديد.
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
امسية ثقافيه وندوة ادبية بمقر حزب الوفد بطنطا…