إدارة الأزمات…
بقلم /لواء مهندس السيد نوار
وسيط اليوم
2/3/2022
علم الإدارة مبني على عدة جوانب، المتعارف منها ينحصر على ( إدارة البشر، إدارة الموارد، إدارة الخدمات إدارة التطوير والتحسين ) لكن في العقود الأخيرة أضيف إليها بشكل رئيسي بإدارة الأزمات، وأصبحت من المواضيع الرئيسية التي تدرس في علوم الإدارة بالنظر لكثرة الأزمات المختلفة، بل تم تحديث نظم الجودة كي تعكس أهمية إدارة الأزمات في تطوير المؤسسات إن لم يكن الحفاظ على بقائها.
يمكن اختصار المفهوم على أنها عمليات تتضمن التنبوء بالإشكاليات والأزمات المتوقعة وتحديد الإجراءات الممكن أو المفروض إتباعها حال حدوثها بهدف السيطرة والتعامل مع وضع مفاجئ أو طارئ يسبب أضرارا جسيمة وخللا في استقرار النظام الإداري ويعرقل العمليات الاعتيادية، وتسعى هذه العملية إلى إعادة التوازن عبر إجراء تغييرات ومعالجات سريعة، ويتعدى المفهوم حل المشكلة الآنية ليشمل منع حدوثها من الأصل ومعالجة مسبباتها كي لا تحدث من الأساس أو تعاود الحدوث في المستقبل“
عادة تحدث الأزمات بصورة مفاجئة، وقد تكون لها مؤشرات تنذر بها، لكن وقوعها المفاجئ قد يصعب عملية اتخاذ الإجراءات المناسبة في حينها، بالتالي تبدأ خصائص الأزمة بالظهور من ناحية تأثيرها على النظام واختلاله أو تسببها في أضرار مالية وبشرية، وقد تقود لظهور مشكلات أخرى مصاحبة لا توجد ازائها أي استعدادات أو إستراتيجيات للتعامل. وتتعدد مستويات الأزمات بحسب مستويات تأثيرها، فمنها ماله تأثير على الدول أو الحكومات ومنها ماله تأثير مباشر على مؤسسة أو قطاع أو إدارة بعينها..
أسباب حدوث الأزمات :
· العنصر البشري : وتأتي في البداية الأخطاء البشرية في العمل والتي قد تكون نتيجة لسوء الفهم أو عدم استيعاب المعلومات أو الافتقار للكفاءة والمهارات والتدريب اللازم، بالإضافة إلى سوء التقدير والقرارات الخاطئة بالنظر لتأثيرها الكبير على سير العمل
· الأسباب الإدارية : وهنا يتصدرها سوء السياسات (الحكومية والعامة) والعمليات الإدارية وعدم وضوح الأهداف وضعف العلاقات بين الأفراد داخل منظومة العمل
· أسباب خارجة عن الإرادة : والمقصود بها الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين وتفشي الأوبئة أو الوقوع في محيط متأزم بالحروب والتوترات بالتالي تنعدم البيئة الآمنة.
و تمر الأزمات بعدة مراحل تحدد منحنى تطورها وصولا إلى نزول مؤشر خطرها أو أثرها السلبي بدل تصاعده في حال نجاح التعامل معها. و تكون البداية عبر ظهور بوادر الأزمة، وهي تمثل مؤشرا أو إنذارا مبكرا، تعقبها مرحلة تسمى بـنمو الأزمة وفيها تزيد حدتها وعادة تكون نتيجة قرارات سريعة بعضها لم يتم استشراف تداعياتها، بعدها تدخل أخطر مراحل الأزمة وهي مرحلة النضوج بحيث تتفاقم الأضرار وتتعقد الملابسات وربما تتداخل عوامل أخرى معها، وهنا تستدعي عمليات تدخل مدروسة ومخطط لها بعناية، وإن كتب لهذه العمليات النجاح فإن الأزمة تدخل مرحلة “الانحسار” ومن ثم تبدأ بالتلاشي وتختفي مظاهرها وتأثيراتها بالتدرج.
إن عملية احتواء الأزمات تعتبر فنا قائما بذاته، ورغم تنوع الأساليب والإستراتيجيات إلا أن الأهداف منها تتلخص في السيطرة على الأزمة عبر تقليل الأضرار، ومن ثم ضمان استقرار الوضع وصولا إلى مرحلة التعافي منها.
و قبل اتخاذ أية إجراءات لمواجهة الأزمة لابد من توفير عناصر أساسية هي تمثل وسيلة النجاح للتغلب عليها، أول هذه العناصر تتمثل في القيادة بحيث يقود مواجهة الأزمة قائد إداري قادر على اتخاذ القرارات الصعبة والسريعة في نفس الوقت، والعنصر و ضرورة إيجاد فريق للأزمات يتكون من كفاءات قادرة على تحمل المسئولية والعمل تحت الضغوط ولديها القدرة على ابتكار الحلول والمعالجات، أن تكون العلاقة بين القائد والمجموعة التي تواجه الأزمة العمل بطريقة تكاملية مبنية على الثقة وتوحيد الجهود وتحمل المسئولية. وعادة ما تتم إدارة الأزمات في غرف للعمليات والطوارئ قد تدار على مدار الساعة، وفيها توضع الخطوط العريضة لكيفية إدارة الأزمة.
للتعامل مع الأزمات لابد من وضع خطة عمل مكتوبة وواضحة الأهداف يتفق عليها أفراد الفريق، ويتم إطلاع الشريحة المتأثرة بعمل الجهة المعنية وذلك من خلال قنوات الإعلام والإتصال الرسمية أو عبر تعيين متحدث رسمي مهمته نشر المعلومات والتطورات أولا بأول لمنع أية إشاعات، فالأخيرة هي العامل الخطير في أي أزمة، وعدم التصدي لها يمكن أن يفاقم تأثير الأزمة على الشريحة المستهدفة، مما يزيد من الأضرار المترتبة عليها.
ولا يجب التعامل مع الأزمات بردود فعل، وعليه لابد من المرور بعمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والمتابعة، وهي ما تقود لقرارات مدروسة بعناية، وهنا لابد من القائد المتابعة المتواصلة لما يحدث في غرفة العمليات المنشأة لإدارة الأزمة بحيث يتابع ويوجه فريق الأزمات ويتبادل معهم المعلومات والتطورات حتى يكون الجميع على مستوى واحد من فهم الأزمة والتعاطي معها.
حينما تتم معالجة الأزمة والقضاء عليها لابد من تدوين كافة العمليات التي تمت بحيث تكون مرجعية للتعامل مع أية مشكلات مستقبلية، وجزء من التعلم المؤسسي لتكون مما يعين على وضع استراتيجيات لأزمات مفترضة قد تقع مستقبلا، أي القدرة على التنبؤ المستقبلي لأي أحداث حسب المؤشرات التي ترصد وهذا لا يتأتى إلا عبر التدريب على وضع خطط التعامل مع الأزمات ووضع السيناريوهات لأزمات مختلفة، وهذه سياسة تطبقها كثير من المؤسسات العالمية بهدف الوقاية وتجنب الأضرار عبر التعلم من التجارب والأخطاء والبناء على قصص النجاح.
أهداف إدارة الأزمات
الهدف العام من إدارة الأزمات أن يكون هناك نظام للتعامل بفاعلية مع الاستجابة المنسقة والموارد ومتطلبات الاتصال الداخلي والخارجي أثناء وبعد الأزمة ويؤثر إنجاز المهمة على سمعة المؤسسة وتعافيها،
· تحديد المشكلة التي أدت إلى حدوث الأزمة، وهو أمر ليس من السهل دائما القيام به، في الواقع، قد يكون لغزًا كيف بدأ كل شيء، لذلك من الضروري التعمق في فهم المشكلة، بحيث يكون لدى جميع الأطراف فهم أفضل لكيفية حدوث الفوضى نتيجة الصراع في محاولة لتحقيق هذا الهدف الحاسم، لا ينبغي لأي من الطرفين حجب المعلومات.
· إدارة تدفق المعلومات الهدف الثاني لإدارة الأزمات هو إدارة تدفق المعلومات، يتوقع دائما أن تظهر أخبار الصراع، خاصة في عصر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إذا كان الحدث الضار يؤثر على الجمهور.
· فمن الأفضل دائما إعداد بيان صحفي أو عقد مؤتمر صحفي كخطوة أولية لتهدئة الذعر الذي قد ينتاب الجمهور نتيجة الصراع، وإبلاغ الجمهور أو من يتأثر بالخطوات التي تتخذها المؤسسة للتخفيف من حدة المشكلة حافظًا على شفافية الأشياء.
· فهم الخصم، أي تحليل الأزمة وفهمها حيث يقترح شخص أو مجموعة ما رأي وفهم مختلف للأزمات، ومن خلال التفكير والحوار يمكن إنشاء أفضل الحلول للأزمات، واتخاذ قرار لتنفيذ الحل المناسب؛ لأن معظم الأشخاص يرون الأزمات من زاوية واحدة، فبدل أن يساعدوا في حل الأزمة يعقدونها أكثر وأكثر.
· أهمية خطة إدارة الأزمات فيما يأتي أبرز النقاط حول أهمية خطة إدارة الأزمات تمثل في وجود خطة لإدارة الأزمات و هو أمر أمر بالغ الأهمية لأنه بدون خطة، قد يتخذ الأشخاص الواقعين تحت الضغط قرارات سيئة وقد يؤدي إلى زيادة الأزمة أو تفاقمها عن غير قصد، قد يكون اتخاذ إجراءات سريعة وبناءة هو مفتاح بقاء المؤسسة. تحافظ الخطة على تركيز الموظفين على الأولويات القصوى للمؤسسة وتكافح الخوف وعدم اليقين اللذين يمكن أن يفاقموا الضرر. تساعد على إنشاء خطة تحديد التهديدات وتقليل احتمالية حدوثها وتحسين الاستجابة. يساعد التخطيط الشركة على احتواء الآثار السلبية للأزمة والتخفيف من حدتها، والتي يمكن أن تشمل الإضرار بالسمعة وفقدان العمليات والمشاكل القانونية أو التنظيمية، كما أجرى برايس ووترهاوس كوبرز دراسة وجدت أن المنظمات التي لديها خطة للاستجابة للأزمات كانت أفضل بعد الأزمة بهامش اثنين إلى واحد تقريباً. الغرض من خطة إدارة الأزمة تعمل خطة إدارة الأزمات على تجهيز المنظمة للتعامل مع كارثة غير متوقعة بالطرق الآتية:[٤] تقصر وتقلل من تأثير الأزمة. تحمي الموظفين وأي شخص آخر يتأثر. تحافظ على العمليات والإنتاجية قدر الإمكان. تحافظ على سمعة الشركة. يعمل التخطيط للأزمات على جعل الشركة أو المؤسسة أكثر مرونة وقدرة على تجاوز الآثار طويلة المدى للأزمة.
استراتيجية إدارة الأزمات :
هي الإطار الجماعي للقرارات والخيارات التي تتخذها المنظمة للاستجابة لأزمة حيث ان الهدف من استراتيجيتك هو وضع خطة لمؤسستك لتتجاوز الأزمات لذا يجب أن يكون تحديد استراتيجيتك قبل أي خطوة أخرى في تخطيط إدارة الأزمات…
خطوات انشاء استراتيجية لإدارة ومعالجة الأزمات:
هي الإطار الجماعي للقرارات والخيارات التي تتخذها المنظمة للاستجابة لأزمة حيث ان الهدف من استراتيجيتك هو وضع خطة لمؤسستك لتتجاوز الأزمات لذا يجب أن يكون تحديد استراتيجيتك قبل أي خطوة أخرى في تخطيط إدارة الأزمات… بحيث تكون الإستراتيجية الأساس لتخطيطك الإضافي ويجب ان تختارإستراتيجية الأزمة الخاصة بك لتلائم مجموعة من السيناريوهات المستقبلية.
إذا كانت شركتك تملك استراتجيه ناجحه تتعامل مع الأزمة بشكل جيد فيجب أن يظهر ذلك بعد الازمه باستقرار مؤسسي وعائدات مقاربه لمستويات العائدات قبل الأزمة وعدم تاثر ثقة العملاء.
أهمية استراتيجيات إدارة الأزمات
بدون استراتيجية لإدارة الأزمات من المرجح أن ترتكب أخطاء تؤدي إلى خسارة مالية أو ضرر دائم لسمعتك وعلاقاتك الرئيسية اضف الى هذا في حالة عدم وجود استراتيجية للأزمة فإن ذلك يعرض استراتيجيتك التنظيمية الاساسيه الى خطر.
يتطلب التصرف الاستراتيجي الانضباط والتحليل الموضوعي حيث لا يمكنك التخطيط لكل حالة طوارئ محتملة فالقيام بذلك سيكون مكلفا للغاية لكني اقترح بدلاً من ذلك ان تستعد فقط للسيناريوهات الأكثر احتمالاً… على سبيل المثال و من وجهة نظراستراتجيه فإن التكاليف المرتبطة بالمشتريات مثل تخزين المواد الخام لتلافي تأخر او عجز المورد فيما بعد عن التوريد لاي سبب ليست مجرد نفقات ولكنها أيضًا استثمار في مرونة عملك وطول عمره.
تتطلب إدارة الأزمات الإستراتيجية تحليل كل من التهديدات ونقاط الضعف الداخلية والخارجية و انا أرى ان تحديد إستراتيجية المناسبه وتنفيذها وتحديث هذه الإستراتيجية مع تطورات التي تحصل و ادامة التواصل و متابعة وتقوية أواصر العلاقات التجاريه هي المفاتيح الرئيسية لاستراتيجيات إدارة الأزمات الناجحه. و تشمل عواقب عدم وجود استراتيجية لإدارة الأزمات احتمالية اتخاذ قرارات خاطئة والتواصل غير الصحيح أو غير المتسق والتعافي غير الكامل بعد الازمة اوقد يحتاج التعافي لفترة أطول مما يجب في حين أن التعافي السريع و الكامل هو دائمًا هدف استراتيجيات إدارة الأزمات وكمتخصص في التخطيط الاستراتيجي وباحث في علوم الاستراتجيات أرى ان استراتجيات إدارة الازمات يجب ان تشمل بعض استراتيجيات البقاء على استمرارية العمل لإبقاء المؤسسة على قوية في مواجهة بيئة معادية أو تهديد وجودي وغالبًا ما تتضمن هذه الاستراجيات خفض التكاليف و جدولة العماله والوصول إلى ائتمان الطوارئ مع ملاحظة ان التفكير الإبداعي عنصر أساسي في صياغة استراتيجيات البقاء.
كيفية بناء إستراتيجية ادارة الأزمات :
و من الملاحظ ان اكثر المتحصصين في الإدارة لا يملكون سوى معلومات محدوده عن التخطيط الاستراتجي لذا يجب أن يتولى فريق من الأشخاص المؤهلين مسؤولية بناء استراتيجية . و تتم عملية بناء إستراتيجية إدارة الأزمات بالمراحل التالية :
· مرحلة جمع المعلومات حيث تقوم الخطة على أسس ما توفره من معلومات وهنا يجب ان تراجع اهداف المؤسسه او الشركه و الرؤيه وما تود ان تصل اليه هذه المؤسسه وتتأكد من أن هذه القيم هي من توجه استراتيجيتك و يجب إجراء تقييم عالي المستوى لنقاط الضعف في مؤسستك ولعمل هذا التقييم استخدم مصفوفة قابلية التأثر بالأزمات وهي مصفوفة لتصنيف الأزمات المحتملة حسب احتمالية حدوثها وشدتها وستعمل النتائج على تصنيف أنواع الأزمات وهذا مما يوفر لفريقك أولويات لجهوده التخطيطية
· تحديد الأهداف : في حين من الصعب التنبؤ بأنواع الأزمات التي قد تواجهها لكن من المهم أن تسجل أهم الأهداف التي يجب ان تحققها أي خطة لادارة الازمات بغض النظر عن ماهيه الازمه مثل توفير بيئة عمل مناسبه وتقليل التأخير في طلبات العملاء و الحفاظ على تدفق مالي مستقر. يكون التركيز على عدد قليل من الأهداف وتجنب إغراء جعل تاثير الازمه صفر على هدفك فهذا غير واقعي … مرفق قالب مصفوفة إدارة المخاطر حيث يمكنك ان تسجل الأهداف التي عملت عليها في التخطيط الاستراتيجي الخاص بك وإضافة أي معلومات ذات صلة. إضافة إلى ذلك يجب تحديد الأولويات وما الذي يمكن التتنازل عنه أثناء الأزمة أي تحديد المجالات التي يمكن من خلالها تحويل الموارد لدعم الاستجابة للأزمة مثلا هل يمكنك مثلا تغيير سياسات العمل الإضافي الخاصة بك ولمعرفة مدى قربك او بعدك من تحقيق اهداف الخطة عليك ان تراقب المقاييس المتعلقة بالأزمة وهي مؤشرات الأداء الرئيسي KPI والتي تعكس مدى تحقيق الأهداف التي حددتها … وهذا الموضوع مهم للغاية أثناء الأزمات حتى تكون مواكب للازمه وعلى اطلاع بحقيقة الأمور ومدى نجاح الفريق الخاص بإدارة الازمات و يمكنك استخدام لوحة تحكم مبسطة لمؤشرات الأداء تضمن لك البقاء على اطلاع والحفاظ على التركيز على أولوياتك … وقد ارفقت لكم هذا المرفق ليوفر عرضًا رسوميًا سهل القراءة لمؤشرات الأداء الرئيسية عالية المستوى .
في حين من الصعب التنبؤ بأنواع الأزمات التي قد تواجهها لكن من المهم أن تسجل أهم الأهداف التي يجب ان تحققها خطة إدارة الازمات بغض النظر عن ماهيه الأزمة.
المزيد من الموضوعات
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…
بالبنط العريض…
بريهان العبودى تكتب.. الغدر ونكران المعروف