تحديد نوع الجنين بين الطب والدين…
كتبت/لميس الحو
وسيط اليوم
9/3/2022
المؤيدون : الشرع لايتعارض مع العلم بشرط عدم الضرر.
المعارضون : نوع من انواع التغيير فى خلق الله تعالى .
يشهد المجتمع فى الأونة الأخيرة ، ظاهرة تباينت فيها الآراء ، نظراً لما تمثله من خطورة على الدين والقيم والتقاليد من وجهة نظر البعض، فى الوقت الذى أباح العديد من العلماء تلك الظاهرة وهى التدخل لتحديد نوع الجنين( وسيط اليوم ) تطرح القضية بمختلف وجهات النظر.
فى البداية يقول الدكتور / ايمن شبانة استاذ امراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة المنوفية ، ان طريقة إختيار نوع الجنين الأحدث والأدق والتى تصل نسبة نجاحها إلى مائة بالمائة تتمثل فى التشخيص الجينى أو الوراثى قبل غرس الجنين فى الرحم، وتتم مع حالات الحقن المجهرى وهى مكلفة جدا نظراً لدقتها ، حيث يتم تخصيب البويضة بالحيوان المنوي وتؤخذ خلية من الجنين وتفحص لمعرفة اذا ما كان ذكر او أنثى، وبالتالى اذا كان هناك رغبة فى ان يكون الجنين ذكر يتم حقن الخلية الذكرية، ويحدث نفس الشيء بالنسبة للأنثى.
وأضاف دكتور ايمن شبانة ان هناك طريقة أخرى أقل دقة، وهى فرز الحيوانات المنويه، أى فصل الحيوان المنوى الذكرى عن الأنثوى بأستخدام جهاز معين يسمى( فلوسيتومترى) ونسبة النجاح باستخدام هذه الطريقة قليلة والتكلفة كذلك.
واشار شبانة إلى ان شيوع نظرية التحكم فى نوع الجنين بإتباع نظام غذائى معين لم تثبت صحتها علمياً.
وأوضح الدكتور/ زكريا سند أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة المنوفية أن تحديد نوع الجنين فى الحمل الطبيعى يحدث عندما يُخصب الحيوان المنوى البويضة فينتج الجنين ويتحدد الجنس عند الأخصاب، لأن بويضات الزوجة كلها نوع واحد تحمل ٢٣ كرموسوم، منها كرموسوم واحد جنسي ، وبالتالى تكون نسبة الأجنة الذكور إلى الإناث متساوية ١٠٠ ذكر مقابل ١٠٠ أنثى، ولكن عند الولادة تكون نسبة الذكور ١٠٥ إلى الاناث ١٠٠ على مستوى العالم، لكى يحدث نوع من التوازن فيما بعد .
وأشار سند الى ان هناك ثلاث طرق لتحديد واختيار نوع الجنين على مستوى العالم، قد نتفق مع بعضها ونختلف مع البعض الأخر حسب ثقافتنا وديننا.
الطريقة الأولى وهى أختيار الحيوانات المنويه التى تحمل أجنة ذكور وفصلها عن الحيوانات المنوية التى تحمل أجنة إناث، هذا قبل الاخصاب .
أما بعد الأخصاب فتتم من خلال الطريقة الثانية والمتاحة اثناء عمليات الحقن المجهري، فبعد الحصول على الأجنة، يتم سحب خلية او اثتين من الجنين قبل إعادته إلى تجويف الرحم ، وفحص الكرموسومات لتحديد الجنس، فنعرف الأجنة الذكور والأجنة الإناث.
واستطرد سند قائلاً ، أما الطريقة الثالثة فهى للأسف غير شرعية ولا تناسب ثقافتنا، فهى منتشرة فى دول شرق اسيا كالصين والهند ، حيث يقومون بتحديد جنس الجنين بطريقة سهلة ومعملية، وبعدها يجروا عملية إجهاض للجنس الغير مرغوب فيه ، وغالباً ما يكون الإناث ، وبالتالى تزداد هناك نسبة الذكور بشكل مرتفع ، حيث تبلغ النسبة ١٢٠ للذكور مقابل ١٠٠ للاناث مما ينتج عنه خلل فى المستقبل.
إتفقا سند مع شبانة فى ان الطريقةالمضمونة والتى تعطى نسبة نجاح مرتفعة هى الحقن المجهرى، والتى انتشرت هذه الأيام .
وأشار دكتور سند الى ان هناك دواعي طبية لتحديد وأختيار نوع الجنين لانختلف عليها وهى تلافى الامراض الوراثية الخاصة بنوع الجنين، مثل مرض نزف الدم او الهيموفيليا، وضمور العضلات وتليف الرئة، ومتلازمة الكروموسوم × الهش الذى يؤدي إلى التخلف العقلى، وهناك دواعي أخرى مجتمعية او اسرية، حيث تفضل بعض الأسر جنساً معيناً لندرته فى الأسرة أو عدم وجوده، وهى رغبة تشغل أفراد الجنس البشرى منذ قديم الأزل.
ومن ناحيته أكد الدكتور/ ياسر بهاء الدين من علماء الأزهر وأمام وخطيب بالاوقاف، ان القرأن الكريم قد سبق الأكتشافات العلمية الحديثة فى بيان قدرة الله جل وعلا فى بداية تكوين الجنين والرحلة العجيبة للأخصاب فى الأنسان.
مشيراً إلى ان القرأن الكريم قد سبق بأياته البينات ما وصل إليه علماء الأجنة والوراثة وغيرهم بأجهزتهم الطبية الحديثة، وأكتشافاتهم العلمية، فقد تحدث القرآن الكريم عن المرحلة الأولى وهى تكوين البويضات والحيوانات المنوية بقوله تعالى( فلينظر الإنسان مم خُلق خُلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ) .
والمرحلة الثانية هى مرحلة الألتقاء بين البويضة والحيوان المنوى ، وقد ذكرها القرأن بأيات عديدة فقال جل وعلا( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا انكم ملاقوه وبشر المؤمنين ).
وقد وصف القرأن الكريم بداية الحياة التى تنشأ من اتحاد الحيوان المنوى الذكرى ببويضة الانثى وصفاً دقيقاً محكماً فى قوله تعالى ( ألم يك نطفة من مني يمنى ) وقوله تعالى( اناخلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً ) ( وخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم انشأناه خلقاً اخر فتبارك الله احسن الخالقين ) .
ويشير بهاء الدين ان هناك مذهبين أحدهما مؤيد لموضوع اختيار وتحديد نوع الجنين والآخر معارض.
اما عن المذهب الاول فيرى القائلون به الجواز اذا كانت هناك حاجه او ضرورة بشرط ان يكون فى اضيق الحدود وان يتم بين خلايا جنسية مأخوذة من زوجين فى حالة حياتهما معاً وان يتخذ الاحتياطات اللازمة لكى لا تختلط هذه الخلايا بغيرها ، وقال بهذا مجلس الأمناء فى الاردن ولجنة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية.
واستندوا لرأيهم بعدة أدلة من بينها قوله تعالى( وان خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقراً فهب لى من لدنك ولياً يرثنى ويرث من ال يعقوب واجعله رب رضيا ).
وقوله تعالى فى قصة إبراهيم( رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم ).
ووجه الدلالة هنا ، ان الدعاء يطلب جنس معين جائز، ولو لم يكن مشروعاً لما جاز لانبياء الله الدعاء به ومن المقرر أن ما جاز طلبه جاز فعله.
وما جعل عليكم فى الدين من حرج .
وقد روت السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال ( تخيروا لنطفكم وانكحوا الاكفاء وانكحوا اليهم ) .
ووجه الدلالة هنا ان النبى قد نبه على ضرورة اختيار السلالة السليمة للمصاهرة وذلك تفاديا للأمراض الوراثية، وبالتالى يمكن ان يعمم ذلك على إختيار الجنس لتفادي اضرار كثيرة.
اما المذهب الثانى فيرى القائلون به المنع، وقد استدلوا على ذلك بعدة ادلة منها قوله تعالى ( لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناث ويهب لمن يشاء الذكور، او يزوجهم ذكراناً واناثأ ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير ) وقوله تعالى (الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تفيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار ) (ويعلم ما فى الارحام )
وقوله صل الله عليه وسلم( مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما فى غد الا الله ولا يعلم ما تفيض الأرحام الا الله….) اى ان تقدير الذكر و الانثى بيد الله وحده.
ومن الأدلة على ذلك التى تؤيد هذا الرأى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، الذى رواه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمعلجات للحسن المغيرات خلق الله)
فاذا كان التغيير فى صور الخلق على النحو الذى ذكره النبى محرما فكيف بالتغيير فى الجنس، لاشك انه أحق بالتحريم وأولى بالمنع، فيه مخالفات لما امر الله به من الرضا بالقضاء والقدر والتسليم بأمر الله.
ويضيف الشيخ أحمد بدران امام وخطيب بمديرية أوقاف الاسكندريه
خلق الله تعالى الإنسان خلقاً متوازناً، فجعله زوجين ذكراً وأنثى، وميز كلا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التى أقامه فيها، وبين ان هذه هى طبيعة الخلق التى تقتضى أستمراره، فقال تعالى( ياأيها الناس أتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله التى تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا) [ النساء : ١ ] وقال تعالى( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة اذا تمنى ) [ النجم ٤٥ : ٤٦ ] وقال تعالى( ومن كل شىء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) [ الداريات : ٤٩ ] وهذا التنوع فى الخلق والتوازن فى الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شىء والقدير على كل شيء.
وأشار بدران انه عندما نتناول مسألة تحديد نوع الجنين، فأننا نعالجها على مستويين مختلفين.
فإذا عالجناها على المستوى الفردى، فالأصل فى الأشياء الأباحة لأن الإنسان يمكن ان يتزوج أو لا يتزوج، وإذا تزوج ممكن أن ينجب او لا ينجب، فإذا انجب ممكن ان ينظم النسل اولا ينظمه، كل على حسب ظروفه وأحواله ، وكما يجوز للإنسان ان يعمل على زيادة نسبة إختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون فى ذلك، من إختيار نوع الغذاء او توقيت الجماع قبل التبويض أو اثنائه وغير ذلك من الأساليب التى يعرفها اهلها، فكذلك يجوز التعامل المجهرى مع الكروموسومات والمادة الوراثية( DNA ) لنفس الغرض، اذ ليس فى الشرع ما يمنع من ذلك على المستوى الفردى ولكن كل هذا بشرط الا يكون فى التقنية المستخدمة ما يضر بالمولود فى مستقبله، وهذا يحدده اهل الأختصاص، فلا يُقبل ان يكون الإنسان محلاً للتجارب ومحطاً للتلاعب.
وقال الشيخ محمود إبراهيم السيد قابيل واعظ عام بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ان التقدم العلمى قد توصل إلى إمكانية تحديد نوع الجنين وذلك يتم بصور وطرق مختلفة منها ما يتعلق بنوع الغذاء ومنها ما يتعلق بتنظيم أوقات الجماع او بالتدخل الطبى.
ويضيف قابيل ان هذه الطرق ينظر اليها من ناحيتين الفردى والجماعى.
فإذا نظرنا إلى المستوى الفردى قلنا الأصل فيه الإباحية ، وما يتناوله الإنسان فيها لا يخرج عن دائرة الأسباب مع اعتقادنا القاطع بأن المؤثر على الحقيقة هو الله تعالى.
وخاصة إذا كان اللجوء لأختيار جنس الجنين له سبب وجيه، كتجنب الإصابة ببعض الأمراض أو كان دافع الأختيار تلبية معبرة عن الزوجين كالأشتياق إلى نوع جنس معين، الى غير ذلك من الأعتبارات المشروعة.
ولقد كان دعاء سيدنا زكريا عليه السلام( فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من ال يعقوب واجعله رب رضيا ) [ مريم ٥ : ٦ ] ، وفى حديث ابى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( قال سليمان بن داود عليهما السلام لأطوفن اليوم على مائة امرأة او تسع وتسعين كلهن يأتى بفارس يجاهد فى سبيل الله وقال له صاحبه، ان شاء الله ، فلم يقل ان شاء الله، فلم يحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذى نفس محمد بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا فى سبيل الله فرسانا اجمعون ) اخرجه البخارى
واستطرد الشيخ قابيل قائلاً اذا نظرنا الى المسألة على مستوى الجماعة، فالأمر يختلف، ويفتى بمنعه، لأن الامر قد يتعلق حينئذ باختلال التوازن الطبيعى الذى أوجده الله تعالى، واضطراب التعادل العددى بين الذكر والأنثى، الذى هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشرى، وتصبح المسألة نوعاً من الاعتراض على الله تعالى فى خلقه ، بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض اسبابه…
المزيد من الموضوعات
ندوة أدبية وثقافية بحزب الوفد بطنطا…
اللواء محمد البربري رئيس جهاز الحماية المدنية سابقا و أحد أبرز كوادر حماة الوطن بالغربية في حوار مع وسيط اليوم …
كلمة للتاريخ يوما ما سيجئ الحساب…