وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

الدكروري يكتب عن الفكر والقيم والعلاقات..

الدكروري يكتب عن الفكر والقيم والعلاقات..

بقلم / محمـــد الدكـــروري

وسيط اليوم

8/11/2022

 

لم تتشكل المنهجية الإسلامية من حيث القواعد والأسس بين يوم وليلة، فهي ظاهرة حضارية أخذت تنمو وتتطور مسترشدة بآيات الاستدلال القرآنية التي تساعد على تنظيم الفكر وتنسيقه، وإنه لا تنفي المنهجية الإسلامية تحيزها إلى النظرة الإيمانية إلى الكون والمعرفة ويمكن أن يُطلق على هذا النوع من التحيز اسم التحيز نحو الموضوعية بمفهومها الإيماني لا بمفهومها المادي الوضعي وإذا كان هذا التحيز يقتصر في المجال الإنساني على نطاق الفكر والقيم والعلاقات، فإنه في مجال العلوم الطبيعية لا مكان للتحيز في الحكم على الواقع المادي أو الطبيعي لأن هذا الواقع تحكمه سنن وقوانين خلقها الله تعالي وأطلقها تحكم مادة الوجود والحياة، واكتشاف هذه السنن والقوانين العلمية يخضع لمناهج الاستدلال التي تعلمها فقهاء المسلمين من منهج القرآن وطبقوها في علوم الدين.

 

 

ثم في علم الطبيعة والحياة، وقد اتضح انعدام التضاد بين القيم والعلم والمعرفة، كما اتضحت مطابقة المعايير الأخلاقية لمنهجية البحث وطرائق التفكير، وإن مبادئ حقوق الإنسان التي انتشرت في الغرب وانسجمت مع فطرة الله التي فطر الناس عليها ليست مخترعات حديثة ولكنها مأنوسة لنا نحن المسلمين ومدروسة في ديننا منذ قرون، فالإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق، وهذه المبادئ والحقوق التي وردت في الإعلان العالمي منذ نصف قرن فقط مدوّنة وواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة منذ فجر الإسلام، والأمم الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، كانت أسبق الأمم في السير عليها، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على تأكيد هذه الحقوق حتى قبل وفاته.

 

 

فقد جاءت خطبة الوداع التي خطبها يوم عرفه، بمثابة تقرير شامل لحقوق الإنسان، وبيان واضح لعلاقات المسلم ومعاملاته مع غيرة من البشر، وبدأها صلى الله عليه وسلم بقوله”إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى أن تلقوه ” ومِن الحقوق التي أكدتها هذه الخطبة النبوية حرمة الدماء والأموال والأعراض، وإقرار العدل والمساواة، والنهي عن الظلم، وأداء الأمانة، وبيان حقوق الزوجة، وإن الاحترام إحدى المشاعر البشرية النبيلة والأخلاق السامية، وكل إنسان مدين للبشر حوله بمستوى أساسي من الاحترام، وقد يختلف مستوى الاحترام هذا تبعا لرؤية الفرد لهم واحترامهم لذاتهم، فإظهار مستوى من الاحترام لفئة من الناس أكثر من غيرهم، لا يعد سلوكا خاطئا البتة، فالشخص النزيه يستحق مزديا من الاحترام مقارنة بالشخص الكاذب.

 

 

وإن كان على الشخص أن يكون مهذبا ولطيفا مع الجهتين، مع العلم أن تقدي الإنسان لذاته واحترامه لها ينعكس على مدى تقديره واحترامه للآخرين، ويمكن احترام الآخرين من خلال معاملة الناس على قدم المساواة في القيم، إذ إن الشخص الخلوق والمهذب لا يستطيع أن يلقى الناس بعدة أوجه أو أن يتلون في سلوكه، فهو يكرم الجميع ويساعد الجميع، وكذلك احترام اختيارات الناس واجتهاداتهم وأذواقهم، ما دام ذلك كله كله يقع ضمن دائرة المباح، واختيار العبارات والجمل اللطيفة التي تعبر عن إصالة الفرد وترفعه عن الدنايا، وترك الألفاظ المبتذلة، وأيضا ترك أذى الناس، وعدم إزعاجهم، وتعلم الذوق والأدب في التصرف، ومطالعة المفيد من الكتب لتعلم ذلك، وكذلك الاحترام في الإسلام.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp