وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

أسامة حراكي يكتب: أنواع الحب في قصص…

أسامة حراكي يكتب: أنواع الحب في قصص…

كتب/أسامة حراكى

وسيط اليوم

21/2/2023

 

قبل سنين كثيرة حملت لنا أنباء ما قد سبق، قصصاً شتى لا عن الجاهلية أتحدث بل عن ماضينا القريب، عن ماضٍ كانت فيه الغلبة للأقوى، والبقاء للأكثر اصراراً، فاللحب انواع ومنها هذه القصص:

الحب الالهامي
اعجب ” كالمان ” تاجر لوحات بلوحة أحس بإحساسه الفني بعبقرية صاحبها الموقع عليها بإسمه “لاجار”، فسأل عنه ليشتري لوحته والمزيد من رسوماته، فكان الجواب أنه إختفى ولا أحد يعلم عنه شيئاً، لتبدأ رحلت البحث عنه التي أصبحت الشغل الشاغل لكالمان الذي لم يترك مكاناً إلا وبحث عنه، وفي مكان ما صادف بعض اللوحات التي عليها توقيع الرسام المختفي، فسأل عنه وكانت الإجابة لا أحد يعرف مكانه، ومرت سنوات جمع خلالها التاجر كالمان أكثر من خمسين لوحة عليها توقيع لاجار، وفي إحدى المرات التي يشتري فيها لوحات الفنان التي يعثر عليها وجد من يعرف لاجار وكان أحد أصدقائه القدامى، أخبره بأن لاجار أحب فتاة حباً شديداً وارتبطا ببعضهما، وحين إجتاحت جيوش هتلر فرنسا هربا إلى إسبانيا وظلا هناك حتى إنتهت الحرب، ثم عادا وعاشا معاً في حي الفنانين وبعد فترة ماتت حبيبته وملهمته، ولم يغادر المنزل لفترة طويلة حيث بقي جالساً إلى جانب سريرها ثم قرر الأطباء وضعه بمستشفى للأمراض العقلية ومن يومها إختفت أخباره، فذهب التاجر للمستشفى التي تم نقل لاجار إليها منذ خمس سنوات فوجده لازال حياً يعيش بين جدران غرفة صغيرة ثيابه بالية يرتعش من البرد محروماً من أوراقه وريشته، وفي اليوم التالي عاد التاجر ومعه ملابس جديدة وأوراق وألوان وطعام قدمهم إلى لاجار الذي أكل وبكى ونطق بعد خمس سنوات من الصمت وقال لكالمان، شكراً لك لكنهم لن يسمحوا لي بالإحتفاظ بأي شيء، هنا تأكد كالمان بأن لاجار مازال عاقلاً فطلب من الأطباء إخراجه لكنهم رفضوا، فخرج يؤجج الرأي العام ويطالب بإخراجه وأن الأطباء إرتكبوا خطأ في حق الإنسانية وأن ما حدث عار على فرنسا التي تنادي بالحرية، حيث حُبس إنساناً عاقلاً كل ذنبه أنه كان حزيناً، فأعادوا الأطباء فحصه من جديد وأكدوا أنه عاقل وسيخرجونه بشرط دفع مصاريف إقامته بالمستشفى لمدة خمس سنوات، فلم يتردد كالمان في إقامة معرض لأعمال لاجار حيث باع كل لوحاته التي اشتراها من ماله وباعها من أجله، فسدد الدين وأخرجه وسلمه باقي ثمن اللوحات، ثم خرج لاجار من عزلته وعاد لريشته وأوراقه

الحب الحقيقي
سألت فتاة الاديب “ديستوفسكي” عن الحب بمعناه الشامل فقال: هناك نوعين من الحب، الحب الفعال والحب الحالم، ومقارنتاً بين النوعين فالحب الحالم يدفع صاحبه إلى التعبير عنه بصوت مباشر سعياً وراء الاستحواذ على اعجاب الاخرين، اما الحب الفعال فهو يتطلب من الانسان عملاً شاقاً وصبراً طويلاً، وذلك هو الحب الحقيقي “حب الانسانية”وقد يشعر فيه المرء بأنه على الرغم من عمله وصبره يبعد عن هدفه الحقيقي بدلاً من الاقتراب منه، ولكنه في الحقيقة يكون قد حصل عليه وسيدرك في لحظة ما أن هناك قوة تصل إلى حد الاعجاز، قوة لم تتوقف لحظة عن رعايته وحبه وارشاده نحو هدفه، انه حب الله، الحب الذي اذا دخل قلباً ملأه بحب البشرية.

الحب الشافي
تعرضت طفلة لضرب مبرح من والدها وزوجته الذين يسيؤن معاملتها، فنقلت للمستشفى لأنها لم تعد تستطيع تحريك جسدها ولم تستطيع ايضاً النطق بسبب الصدمة العصبية، واعتنت بها ممرضة كانت تقول لها كل يوم احبك، وكان الاطباء يقولون لها انها لن تسمع او تنطق وانها تجهد نفسها بلا نفع، لكن الممرضة اصرت على معاملتها بلطف وترديد كل يوم”احبك لا تنسي ذلك”وبعد فترة استعادت الطفلة حركتها ونطقها وابتسامتها، وهذا دليل على أن الحب يشفي.

الحب الجنوني
لم يستطع “فيكتور هيجو” أن يضحي بحبه في مقابل إيمانه العميق بحب الخير والبذل والعطاء، تزوج بـ “آديل” ابنة الضابط “فوجر” رغم أن أخاه كان متيماً بها وترك أخاه يصارع الحب حتى صرعه، فانتهى به المطاف في مصحة عقلية أودت بحياته بعد أن أصيب بالجنون، بعد جنون أخيه وفي منفاه الطوعي ألف فيكتور روايته الخالدة “البؤساء” وجعل من “جان فالجان” مخلصاً جديداً يسوعاً بمواصفات جديدة، وكأن عقدة الذنب لا زالت تطارده كان حبه أقوى من مبادئه بكثير، إلى الحد الذي جعله يرى جنون شقيقه، ويؤلف رواية تكفير.

الحب الوقتي
كان أدولف هتلر جزاراً عنصرياً، ومجنون حرب قبل السقوط الكبير لبرلين، وقبل يوم من انتحاره تزوج حبيبته القديمة “إيفا” ثم انتحرا معاً!، وأمر بحرق الجثتين سوياً فالانسان ابن عملية حب ولو كانت وقتية.

تغلب الحب في النهاية على ما سواه، هو الفطرة، وهو الطبيعة، وهو ما يبحث عنه الأعمى في آخر الطريق.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp