وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

عمر الشريف يكتب: كذبة إبريل…

عمر الشريف يكتب: كذبة إبريل…

كتب عمر الشريف

وسيط اليوم

1/4/2023

حدث مع صديق لي أن أجاب على إتصال هاتفي من أحد زملائه متلقياً صدمة خبر وفاة مدرسهم المحبوب لينهار بعدها حزيناً مذهولاً، ثم يعلن عن ذلك عبر وسائل الإتصال الإجتماعي، فتتالت عليه إتصالات عدة من أصدقائه وزملائه بالتعزية، وبعد ساعة من الذهول والصدمة يتصل به من أخبره أولًا بوفاة مدرسهم ضاحكاً مفاجئاً إياه بأنه كذب عليه بما يسمى كذبة إبريل.

ليتطور الموقف بينهما في لحظات من مزحة إلى مشكلة كبيرة تشابكت فيها عدة أطراف من الأصدقاء والزملاء، كان من نتيجتها قطع صلاتهم به وبداية عداء بينهم وبينه.

فكذبة إبريل هي إحدى مظاهر إنتشار ظاهرة الكذب في المجتمع حتى أصبح الكذب ملح لا يطيب الحديث بدونه، كما لا يطيب الطعام بدون وضع الملح فيه، فالكذب مرض إجتماعي مزمن وفتاك، وهو وجه قبيح من وجوه النفاق الإجتماعي الذي يمارسه الناس تجاه بعضهم البعض بداعِ أو بدون داع.

ويرى المختصون في علم النفس الإجتماعي والصحة النفسية أن الكذب عادة مكتسبة وليست صفة أصيلة عند الإنسان، فالفطرة السليمة تحفز صاحبها على الصدق والحقيقة، بينما الوسط الإجتماعي الفاسد الذي يتربى فيها الفرد تكسبه صفة الكذب والخداع والمواربة، ليتعايش بعدها مع الكذب ويعتاده في يوميات حياته وعلاقاته مع الناس.

وعندها يتحول الكذب من مجرد مرض نفسي منفّر إلى منهج حياة مألوف وسياسة معيشة بين الناس، فقد أصبح المرء يفتح أبواب حياته بالكذب، ويقيم علاقات إجتماعية مختلفة على أساس الكذب، ويعيش متكيفاً مع من حوله بالكذب، فمساحات الكذب في حياتنا صارت واسعة على حساب الصدق والحقيقة.

والكذب مرتع خصب لأصناف من البشر لا يهمّها إلا تحصيل الغايات بغض النظر عن الوسائل الموصلة إليها سواء أكانت وسائل صالحة أم فاسدة، فالغاية عندهم تبرر كل وسيلة في سبيل تحصيلها.

كما أنه قناع زائل يغطي المرء به عيوبه عن عيون الآخرين ويخدعهم بترهاته الباطلة وألوانه المزيفة، والكذب أيضاً ملجأ الجبناء والضعفاء الذين عجزوا عن إدراك الحقيقة أو الإعتراف بها، فهم يغرقون أنفسهم ومن حولهم بروايات باطلة تجعلهم في مأمن من الحقيقة التي يخافون أن تكشف مرارة واقعهم وسوء أفعالهم.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp
× اتصل الآن