بينما كان نزار قبانى فى أحد المهرجانات الشعرية ببغداد يلقى أحدى قصائده عام 1962م رأى فتاة فى العشرينات من عمرها فسلبت فؤاده وهو يشدو قصيدته ، كانت الفتاة رائعة الجمال ، معتدلة القوام ، بادلته النظر حتى كدت أن تشعر أن نظرهما يحضن كل منه الأخر لقد سحرت الفتاة نزار فصار مسلوب الفؤاد.فصمم على الأرتباط منها فأخذ يسأل عنها ، كانت الفتاة تدعى بلقيس الراوي ، من حى الأعظمية ، بيتها يعانق نهر دجلة ، لكن صدمة نزار قبانى عندما تقدم لخطبتها من أبيها ، لقد تم رفض طلبه لأن العرب لا يزوجون من تغزل في ابنتهم ،، سافر نزار إلى أسبانيا حيث عمله في السفارة السورية.
لكن صورة بلقيس لم تفارقه بل زاد حبه وزاد الاشتياق وزادت لوعة الحب فتبادلا الرسائل سرا .
وبعد سبع سنوات عاد نزار إلى بلده حيث الحبيبة عاد إلى العراق ليشارك في أحد المهرجانات الشعرية ليبدعنا بقصيدة جميلة يعلن فيها للجميع أنه يحب أنه عاشق يتألم لبعده عن محبوبته.
قال نزار :
مرحباً يا عراقُ، جئت أغنيك
وبعـضٌ من الغنـاء بكـاءُ
مرحباً، مرحباً.. أتعرف وجهاً
حفـرته الأيـام والأنـواءُ؟
أكل الحب من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتـها النسـاء
كل أحبابي القدامى نسـوني
لا نوار تجيـب أو عفـراءُ
فالشفـاه المطيبـات رمادٌ
وخيام الهوى رماها الـهواءُ
سكن الحزن كالعصافير قلبي
فالأسى خمرةٌ وقلبي الإنـاءُ
أنا جرحٌ يمشي على قدميه
وخيـولي قد هدها الإعياءُ
فجراح الحسين بعض جراحي
وبصدري من الأسى كربلاءُ
وأنا الحزن من زمانٍ صديقي
وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
كيف أحبابنا على ضفة النهر
وكيف البسـاط والنـدماءُ؟
كان عندي هـنا أميرة حبٍ
ثم ضاعت أميرتي الحسـناءُ
أين وجهٌ في الأعظمية حلوٌ
لو رأته تغار منه السـماءُ؟
وتشاء الأقدار أن يسمع القصيدة الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، فيأثر بها ويسأل عن حب نزار ومن ثم بعث وزير الشباب الشاعر شفيق الكمالي ووكيل وزارة الخارجية، والشاعر شاذل طاقة، ليخطباها لنزار من أبيها ، فوافق والدها فتزوجا عام 1969 ليعيشا أجمل أيام حياتهما فيلتقى الحبيبان ويجتمع الفؤادان .
وبعد عقد من الزمن مر على زواجهما قال فيها قصيدة غناها كاظم الساهر مطلعها :
أشهدُ أن لا امرأة ً
أتقنت اللعبة إلا أنتِ
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنتِ ..
وكما هى العادة لابد من الفراق فيأتى عام 1981م ، حيث أنتقل نزار وزوجته إلى بيروت ، حيث كانت بلقيس تعمل في السفارة العراقية ، حتى كان الخامس عشر من الشهر الأخير من عام 1981 ودعها نزار لتذهب إلى عملها وتصافحا فتعانقا كأنه عناق فراق الأجساد لا الأرواح تعانقا العناق الأخير ، فذهبت بلقيس إلى عملها وذهب نزار إلى مكتبه بشارع الحمراء ، وبعد أن احتسى قهوتهسمع صوت انفجار زلزله من رأسه إلى أخمص قدميه بل نقول سمع انفجارا نزع ليه ، فنطق دون شعور، قائلاً : ياساتر ياربي ، وما هي إلا دقائق حتى جاءه الخبر ينعي له محبوبته التي قتلت في العملية ومعها 61 من الضحايا ، فكتب فيها قصيدة رثاء طويلة بل هى أطول ماكتب نزار هى قصة الحب الذى قتله الإرهاب ،هى قصة تتكرر مع الأيام ومع أختلاف الأشخاص لتؤكد لنا أن
الإرهاب لا قلب له لا عاطفة لا شعور لا إيمان لا مبادئ لا قيم إن الأرهاب هو عشق لسفك الدماء حتى وإن سقطت ضحايا وادمت قلوب وبكت عيون. لا أملك إلا أن أعرض لكم قصيدة بلقيس لتقرؤها وأن تتخيلوا كم كان يشعر نزار من جراح تدمى قلبه وهو يكتبها .
اليكم قصيدة “بلقيس”
شكراً لكم ..
شكراً لكم . .
فحبيبتي قتلت .. وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيده
وقصيدتي اغتيلت ..
وهل من أمـةٍ في الأرض ..
إلا نحن تغتال القصيدة ؟
بلقيس …
كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل
بلقيس ..
كانت أطول النخلات في أرض العراق
كانت إذا تمشي ..
ترافقها طواويسٌ ..
وتتبعها أيائل ..
بلقيس .. يا وجعي ..
ويا وجع القصيدة حين تلمسها الأنامل
هل يا ترى ..
من بعد شعرك سوف ترتفع السنابل ؟
يا نينوى الخضراء ..
يا غجريتي الشقراء ..
يا أمواج دجلة . .
تلبس في الربيع بساقها
أحلى الخلاخل ..
قتلوك يا بلقيس ..
أية أمةٍ عربيةٍ ..
تلك التي
تغتال أصوات البلابل ؟
أين السموأل ؟
والمهلهل ؟
والغطاريف الأوائل ؟
فقبائلٌ أكلت قبائل ..
وثعالبٌ قتـلت ثعالب ..
وعناكبٌ قتلت عناكب ..
قسماً بعينيك اللتين إليهما ..
تأوي ملايين الكواكب ..
سأقول ، يا قمري ، عن العرب العجائب
فهل البطولة كذبةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخ كاذب ؟.
بلقيس
لا تتغيبي عني
فإن الشمس بعدك
لا تضيء على السواحل . .
سأقول في التحقيق :
إن اللص أصبح يرتدي ثوب المقاتل
وأقول في التحقيق :
إن القائد الموهوب أصبح كالمقاول ..
وأقول :
إن حكاية الإشعاع ، أسخف نكتةٍ قيلت ..
فنحن قبيلةٌ بين القبائل
هذا هو التاريخ . . يا بلقيس ..
كيف يفرق الإنسان ..
ما بين الحدائق والمزابل
بلقيس ..
أيتها الشهيدة .. والقصيدة ..
والمطهرة النقية ..
سبـأٌ تفتش عن مليكتها
فردي للجماهير التحية ..
يا أعظم الملكات ..
يا امرأةً تجسد كل أمجاد العصور السومرية
بلقيس ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أيقونتي الأغلى
ويا دمعاً تناثر فوق خد المجدلية
أترى ظلمتك إذ نقلتك
ذات يومٍ .. من ضفاف الأعظمية
بيروت .. تقتل كل يومٍ واحداً منا ..
وتبحث كل يومٍ عن ضحية
والموت .. في فنجان قهوتنا ..
وفي مفتاح شقتنا ..
وفي أزهار شرفتنا ..
وفي ورق الجرائد ..
والحروف الأبجدية …
ها نحن .. يا بلقيس ..
ندخل مرةً أخرى لعصر الجاهلية ..
ها نحن ندخل في التوحش ..
والتخلف .. والبشاعة .. والوضاعة ..
ندخل مرةً أخرى .. عصور البربرية ..
حيث الكتابة رحلةٌ
بين الشظية .. والشظية
حيث اغتيال فراشةٍ في حقلها ..
صار القضية ..
هل تعرفون حبيبتي بلقيس ؟
فهي أهم ما كتبوه في كتب الغرام
كانت مزيجاً رائعاً
بين القطيفة والرخام ..
كان البنفسج بين عينيها
ينام ولا ينام ..
بلقيس ..
يا عطراً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافر في الغمام ..
قتلوك ، في بيروت ، مثل أي غزالةٍ
من بعدما .. قتلوا الكلام ..
بلقيس ..
ليست هذه مرثيةً
لكن ..
على العرب السلام
بلقيس ..
مشتاقون .. مشتاقون .. مشتاقون ..
والبيت الصغير ..
يسائل عن أميرته المعطرة الذيول
نصغي إلى الأخبار .. والأخبار غامضةٌ
ولا تروي فضول ..
بلقيس ..
مذبوحون حتى العظم ..
والأولاد لا يدرون ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقول ؟
هل تقرعين الباب بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعين المعطف الشتوي ؟
هل تأتين باسمةً ..
وناضرةً ..
ومشرقةً كأزهار الحقول ؟
بلقيس ..
إن زروعك الخضراء ..
ما زالت على الحيطان باكيةً ..
ووجهك لم يزل متنقلاً ..
بين المرايا والستائر
حتى سجارتك التي أشعلتها
لم تنطفئ ..
ودخانها
ما زال يرفض أن يسافر
بلقيس ..
مطعونون .. مطعونون في الأعماق ..
والأحداق يسكنها الذهول
بلقيس ..
كيف أخذت أيامي .. وأحلامي ..
وألغيت الحدائق والفصول ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياء عيني ..
قد كنت عصفوري الجميل ..
فكيف هربت يا بلقيس مني ؟..
بلقيس ..
هذا موعد الشاي العراقي المعطر ..
والمعتق كالسلافة ..
فمن الذي سيوزع الأقداح .. أيتها الزرافة ؟
ومن الذي نقل الفرات لبيتنا ..
وورود دجلة والرصافة ؟
بلقيس ..
إن الحزن يثقبني ..
وبيروت التي قتلتك .. لا تدري جريمتها
وبيروت التي عشقتك ..
تجهل أنها قتلت عشيقتها ..
وأطفأت القمر ..
بلقيس ..
يا بلقيس ..
يا بلقيس
كل غمامةٍ تبكي عليك ..
فمن ترى يبكي عليا ..
بلقيس .. كيف رحلت صامتةً
ولم تضعي يديك .. على يديا ؟
بلقيس ..
كيف تركتنا في الريح ..
نرجف مثل أوراق الشجر ؟
وتركتنا نحن الثلاثة ضائعين
كريشةٍ تحت المطر ..
أتراك ما فكرت بي ؟
وأنا الذي يحتاج حبك .. مثل (زينب) أو (عمر)
بلقيس ..
يا كنزاً خرافياً ..
ويا رمحاً عراقياً ..
وغابة خيزران ..
يا من تحديت النجوم ترفعاً ..
من أين جئت بكل هذا العنفوان ؟
بلقيس ..
أيتها الصديقة .. والرفيقة ..
والرقيقة مثل زهرة أقحوان ..
ضاقت بنا بيروت .. ضاق البحر ..
ضاق بنا المكان ..
بلقيس : ما أنت التي تتكررين ..
فما لبلقيس اثنتان ..
بلقيس ..
تذبحني التفاصيل الصغيرة في علاقتنا ..
وتجلدني الدقائق والثواني ..
فلكل دبوسٍ صغيرٍ .. قصةٌ
ولكل عقدٍ من عقودك قصتان
حتى ملاقط شعرك الذهبي ..
تغمرني ،كعادتها ، بأمطار الحنان
ويعرش الصوت العراقي الجميل ..
على الستائر ..
والمقاعد ..
والأواني ..
ومن المرايا تطلعين ..
من الخواتم تطلعين ..
من القصيدة تطلعين ..
من الشموع ..
من الكؤوس ..
من النبيذ الأرجواني ..
بلقيس ..
يا بلقيس .. يا بلقيس ..
لو تدرين ما وجع المكان ..
في كل ركنٍ .. أنت حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابة بيلسان ..
فهناك .. كنت تدخنين ..
هناك .. كنت تطالعين ..
هناك .. كنت كنخلةٍ تتمشطين ..
وتدخلين على الضيوف ..
كأنك السيف اليماني ..
بلقيس ..
أين زجاجة ( الغيرلان ) ؟
والولاعة الزرقاء ..
أين سجارة الـ (الكنت ) التي
ما فارقت شفتيك ؟
أين (الهاشمي ) مغنياً ..
فوق القوام المهرجان ..
تتذكر الأمشاط ماضيها ..
فيكرج دمعها ..
هل يا ترى الأمشاط من أشواقها أيضاً تعاني ؟
بلقيس : صعبٌ أن أهاجر من دمي ..
وأنا المحاصر بين ألسنة اللهيب ..
وبين ألسنة الدخان …
بلقيس : أيتها الأميرة
ها أنت تحترقين .. في حرب العشيرة والعشيرة
ماذا سأكتب عن رحيل مليكتي ؟
إن الكلام فضيحتي ..
ها نحن نبحث بين أكوام الضحايا ..
عن نجمةٍ سقطت ..
وعن جسدٍ تناثر كالمرايا ..
ها نحن نسأل يا حبيبة ..
إن كان هذا القبر قبرك أنت
أم قبر العروبة ..
بلقيس :
يا صفصافةً أرخت ضفائرها علي ..
ويا زرافة كبرياء
بلقيس :
إن قضاءنا العربي أن يغتالنا عربٌ ..
ويأكل لحمنا عربٌ ..
ويبقر بطننا عربٌ ..
ويفتح قبرنا عربٌ ..
فكيف نفر من هذا القضاء ؟
فالخنجر العربي .. ليس يقيم فرقاً
بين أعناق الرجال ..
وبين أعناق النساء ..
بلقيس :
إن هم فجروك .. فعندنا
كل الجنائز تبتدي في كربلاء ..
وتنتهي في كربلاء ..
لن أقرأ التاريخ بعد اليوم
إن أصابعي اشتعلت ..
وأثوابي تغطيها الدماء ..
ها نحن ندخل عصرنا الحجري
نرجع كل يومٍ ، ألف عامٍ للوراء …
البحر في بيروت ..
بعد رحيل عينيك استقال ..
والشعر .. يسأل عن قصيدته
التي لم تكتمل كلماتها ..
ولا أحدٌ .. يجيب على السؤال
الحزن يا بلقيس ..
يعصر مهجتي كالبرتقالة ..
الآن .. أعرف مأزق الكلمات
أعرف ورطة اللغة المحالة ..
وأنا الذي اخترع الرسائل ..
لست أدري .. كيف أبتدئ الرسالة ..
السيف يدخل لحم خاصرتي
وخاصرة العبارة ..
كل الحضارة ، أنت يا بلقيس ، والأنثى حضارة ..
بلقيس : أنت بشارتي الكبرى ..
فمن سرق البشارة ؟
أنت الكتابة قبلما كانت كتابة ..
أنت الجزيرة والمنارة ..
بلقيس :
يا قمري الذي طمروه ما بين الحجارة ..
الآن ترتفع الستارة ..
الآن ترتفع الستارة ..
سأقول في التحقيق ..
إني أعرف الأسماء .. والأشياء .. والسجناء ..
والشهداء .. والفقراء .. والمستضعفين ..
وأقول إني أعرف السياف قاتل زوجتي ..
ووجوه كل المخبرين ..
وأقول : إن عفافنا عهرٌ ..
وتقوانا قذارة ..
وأقول : إن نضالنا كذبٌ
وأن لا فرق ..
ما بين السياسة والدعارة !!
سأقول في التحقيق :
إني قد عرفت القاتلين
وأقول :
إن زماننا العربي مختصٌ بذبح الياسمين
وبقتل كل الأنبياء ..
وقتل كل المرسلين ..
حتى العيون الخضر ..
يأكلها العرب
حتى الضفائر .. والخواتم
والأساور .. والمرايا .. واللعب ..
حتى النجوم تخاف من وطني ..
ولا أدري السبب ..
حتى الطيور تفر من وطني ..
و لا أدري السبب ..
حتى الكواكب .. والمراكب .. والسحب
حتى الدفاتر .. والكتب ..
وجميع أشياء الجمال ..
جميعها .. ضد العرب ..
لما تناثر جسمك الضوئي
يا بلقيس ،
لؤلؤةً كريمة
فكرت : هل قتل النساء هوايةٌ عربيةٌ
أم أننا في الأصل ، محترفو جريمة ؟
بلقيس ..
يا فرسي الجميلة .. إنني
من كل تاريخي خجول
هذي بلادٌ يقتلون بها الخيول ..
هذي بلادٌ يقتلون بها الخيول ..
من يوم أن نحروك ..
يا بلقيس ..
يا أحلى وطن ..
لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن ..
لا يعرف الإنسان كيف يموت في هذا الوطن ..
ما زلت أدفع من دمي ..
أعلى جزاء ..
كي أسعد الدنيا .. ولكن السماء
شاءت بأن أبقى وحيداً ..
مثل أوراق الشتاء
هل يولد الشعراء من رحم الشقاء ؟
وهل القصيدة طعنةٌ
في القلب .. ليس لها شفاء ؟
أم أنني وحدي الذي
عيناه تختصران تاريخ البكاء ؟
سأقول في التحقيق :
كيف غزالتي ماتت بسيف أبي لهب
كل اللصوص من الخليج إلى المحيط ..
يدمرون .. ويحرقون ..
وينهبون .. ويرتشون ..
ويعتدون على النساء ..
كما يريد أبو لهب ..
كل الكلاب موظفون ..
ويأكلون ..
ويسكرون ..
على حساب أبي لهب ..
لا قمحةٌ في الأرض ..
تنبت دون رأي أبي لهب
لا طفل يولد عندنا
إلا وزارت أمه يوماً ..
فراش أبي لهب !!…
لا سجن يفتح ..
دون رأي أبي لهب ..
لا رأس يقطع
دون أمر أبي لهب ..
سأقول في التحقيق :
كيف أميرتي اغتصبت
وكيف تقاسموا فيروز عينيها
وخاتم عرسها ..
وأقول كيف تقاسموا الشعر الذي
يجري كأنهار الذهب ..
سأقول في التحقيق :
كيف سطوا على آيات مصحفها الشريف
وأضرموا فيه اللهب ..
سأقول كيف استنزفوا دمها ..
وكيف استملكوا فمها ..
فما تركوا به ورداً .. ولا تركوا عنب
هل موت بلقيسٍ …
هو النصر الوحيد
بكل تاريخ العرب ؟؟…
بلقيس ..
يا معشوقتي حتى الثمالة ..
الأنبياء الكاذبون ..
يقرفصون ..
ويركبون على الشعوب
ولا رسالة ..
لو أنهم حملوا إلينا ..
من فلسطين الحزينة ..
نجمةً ..
أو برتقالة ..
لو أنهم حملوا إلينا ..
من شواطئ غزةٍ
حجراً صغيراً
أو محارة ..
لو أنهم من ربع قرنٍ حرروا ..
زيتونةً ..
أو أرجعوا ليمونةً
ومحوا عن التاريخ عاره
لشكرت من قتلوك .. يا بلقيس ..
يا معشوقتي حتى الثمالة ..
لكنهم تركوا فلسطيناً
ليغتالوا غزالة !!…
ماذا يقول الشعر ، يا بلقيس ..
في هذا الزمان ؟
ماذا يقول الشعر ؟
في العصر الشعوبي ..
المجوسي ..
الجبان
والعالم العربي
مسحوقٌ .. ومقموعٌ ..
ومقطوع اللسان ..
نحن الجريمة في تفوقها
فما ( العقد الفريد ) وما ( الأغاني ) ؟؟
أخذوك أيتها الحبيبة من يدي ..
أخذوا القصيدة من فمي ..
أخذوا الكتابة .. والقراءة ..
والطفولة .. والأماني
بلقيس .. يا بلقيس ..
يا دمعاً ينقط فوق أهداب الكمان ..
علمت من قتلوك أسرار الهوى
لكنهم .. قبل انتهاء الشوط
قد قتلوا حصاني
بلقيس :
أسألك السماح ، فربما
كانت حياتك فديةً لحياتي ..
إني لأعرف جيداً ..
أن الذين تورطوا في القتل ، كان مرادهم
أن يقتلوا كلماتي !!!
نامي بحفظ الله .. أيتها الجميلة
فالشعر بعدك مستحيلٌ ..
والأنوثة مستحيلة
ستظل أجيالٌ من الأطفال ..
تسأل عن ضفائرك الطويلة ..
وتظل أجيالٌ من العشاق
تقرأ عنك . . أيتها المعلمة الأصيلة …
وسيعرف الأعراب يوماً ..
أنهم قتلوا الرسولة ..
قتلوا الرسولة ..
ق .. ت .. ل ..و .. ا
ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة
المزيد من الموضوعات
عمر الشريف يكتب: ليتني أعود طفلاً
أسامة حراكي يكتب: في يوم الطفولة العالمي
التقى الرئيس السيسي مع رئيس وزراء سنغافورة “لورانس وونج”، على هامش مشاركة السيد الرئيس في اجتماعات قمة مجموعة العشرين في “ريو دي جانيرو” بالبرازيل