وسيط اليوم

جريدة الكترونية عربية

أسامة حراكي يكتب: الجبناء لا يرون إلا طواحين الهواء

أسامة حراكي يكتب: الجبناء لا يرون إلا طواحين الهواء…

كتب: أسامة حراكى

وسيط اليوم

27/7/2023

الثقة بالنفس شرط مهم لكل من يريد أن يتقدم إلى الأمام، والشجاعة هي ما تجعلنا نثق بأنفسنا فالشجاعة في عمقها مسألة علاقة بين المرء والآخر، بين المرء والمنطق، بين المرء والمستقبل.. فعندما يقوم شعب بثورة ضد الأستبداد فهذا يعني أنهم شجعان إذا ما قارناهم بشعوب أخرى يلقون نفس الظلم والاستبداد لكنهم صامتون، إذن هناك علاقة من خلال المقارنة بين الطرفين، وهذا ما هو إلا استدلال على كون الجبناء يُسهمون في إحباط الآخرين، كما قال الكاتب الإسباني ثيربانتيس في روايته “دون كيخوت” الجبناء لا يرون إلا طواحين الهواء في ما يراه الشجعان قضايا مهمة.

أحياناً يتعلق الأمر بشيء أكبر من مجرد الثقة بالنفس، إنها الثقة والإيمان بفكرة أن الإنسان قادر على أن يكون واثقاً، ومن هنا يتدخل القانون القديم الذي حكم ويحكمنا نحن البشر، والذي بين لنا أن القوة الحقيقية ليست فقط قوة الجسد، بل هي أيضاً قوة معنوية وذهنية، هي قوة الإيمان والإرادة، والشجاعة هي الوجه الهجومي للثقة بالنفس، فالثقة بالنفس لا نراها أو نتحقق منها، لكنها تظهر وتكشف عن نفسها، حتى لو كشفت عن نفسها لصاحبها فقط في حالة تعرض شخص ما للتعذيب مثلاً، ربما يعتقد أن الثقة بالنفس ومع الآخرين انعدمت، لكن مع ذلك تبقى الشجاعة موجودة لديه وفي داخله لا تنكسر، فالشجاعة والثقة بالنفس يمكن أن تولد الواحدة منهما من الأخرى، وتكون إحداهما سبباً في إنتاج الأخرى، فهناك دائماً إمكانية إنتاج الشجاعة باستعمال ما هو محيط بنا، وتحت التعذيب، فعندما يكون هناك شجاعة لابد أن تكون هناك ثقة بالنفس حتى وإن اختلفت أشكالها، فقد تبلغ الشجاعة ببعض الأشخاص أن يعرض نفسه للخطر من أجل إنقاذ شخص آخر، مثالاً إما يجيد السباحة فيقفز في الماء، أو لا يجيدها ومع ذلك يقفز لإنقاذ شخص آخر، فهنا من لا يجيد السباحة يقفز لأنه يعلم في لا وعيه أنه لن يعيش سعيداً إن لم يقفز لمساعدة الآخر وأنه سيفقد معنى وجوده، لهذا يقرر أن يقفز فالشجاعة هي مسألة عطاء، والعطاء جزء من الخلود.

أحياناً يبحث المرء في داخله فلا يجد أي نوع من الثقة بالنفس، فاسترجاع الثقة بالنفس يتطلب معرفة عميقة بالذات، فعندما نصاب بحالة اكتئاب تؤثر على صحتنا الجسمية وليست فقط النفسية، وحينها تدخل شخص لمساعدتنا أمراً ضرورياً سواء كان الشخص طبيب أو صديق أو مقرب منا، لمساعدتنا على مواجهة تدهور صحتنا.

الثقة بالنفس والشجاعة فضيلتان لا يتصف بهما كل الناس، لكن من يجمع بينهما يكون محظوظاً لأنهما بمثابة مولد طاقة داخلي يزود صاحبه بالطاقة ويجعله يتقدم إلى الأمام ويبدع ولا يخاف الصعاب، بل يثبت وجوده وسط محيطه ويواجه الحياة في جميع المواقف والأزمات، فالإبداع ليس معناه أن نتحول لفنانين، بل إن الثقة بالنفس في حد ذاتها هي نوع من الإبداع، وليست مجرد غريزة وتمسك بالحياة، فكثيراً لا نشعر بحياتنا إلا بعد أن نقوم بعمل شجاع، فالشجاعة هنا هي الدينمو الذي يولد الطاقة بداخلنا، فالثقة بالنفس والشجاعة وجهان لعملة واحدة، مع ذلك فإن الثقة بالنفس ليست أمراً ضرورياً لعودة الشجاعة الضائعة إن غابت الشجاعة، ذلك أن الثقة بالأصدقاء والمقربين يمكن أن تحل محل الثقة بالنفس، وتكون طاقة ونوراً يساعدنا على أن نعثر من جديد على طريقنا نحو الثقة بالنفس، خاصةً إذا عرفنا أن الثقة بالنفس هي قيمة لا نكونها وحدنا، بل تتكون من خلال تفاعلنا مع الآخرين، لذلك على الثوار أن يكملوا طريقهم بكل ثقة بأنهم سينجحون.

Follow by Email
Instagram
Telegram
WhatsApp